بواسطة , 16-08-2022 عند 03:30 PM (623 المشاهدات)
المشاركة الأصلية حررها مصطفى الصالح
...
أيقظني رنين الهاتف في الساعة التاسعة صباحا، لا أحب أن يوقظني الجوال قبل الشبع نوما، ثم تعسيلة أخرى خفيفة بعد الشبع حتى أمل الفراش، لكنه فعلها هذه المرة أيضا، نظرت إلى الرقم فلم أعرفه، فركت عيني جيدا وجلست في مكاني أفكر بينما أستمع إلى الشخص المتصل في الطرف الآخر...
من يكون وكيف حصل على رقمي!... لا تفكر ستعرف فورا فلماذا تتعب نفسك بفضول سخيف....
قال بصوت متهدج: الاستاذ مصطفى!
فهمت أنه مغاربي لكن لم أحدد فلست خبيرا، قلت: نعم تفضل، قال: أريدك في المركز الأمني قليلا، قلت خيرا إن شاء الله!
قال: أريد عمل محضر فقد جواز سفر في المخفر، وأريدك أن تساعدني بالترجمة، متى نستطع الالتقاء؟
حسبتها الساعة الآن تقترب من العاشرة، بحاجة إلى ساعة من أجل الحمام والتوضؤ، وشرب فنجان قهوة، ثم نصف ساعة فطور، ثم نصف ساعة طريق، قلت الساعة الثانية عشرة عند مركز أمن افجيلار، هل يناسبك؟
قال أنا ذهبت إلى هناك أمس وأرجعوني من الباب قالوا لي اذهب إلى دائرة الهجرة، ذهبت إلى دائرة الهجرة وأعادوني إليهم بحجة أن المركز الأمني هو المسؤول عن محاضر ضبط المفقودات، لم يسمحوا لي بالدخول حتى... هل نذهب إلى مخفر آخر! قالوا لي اذهب إلى مخفر (بيلك دوزو) القريب من مكان سكناك...
قلت وقد غضبت كثيرا: سنذهب معا إلى مركز أفجيلار لنعرف لماذا يفعلون هذا، قال حسنا
في الحقيقة مخفر أفجيلار أقرب إلي أستطيع السير إليه على الأقدام، وأقل من المسافة بين موقف الحافلة ومخفر بيلك دوزو..
كنت قد اقتربت من مخفر أفجيلار متأخرا دقيقتين عن الموعد فإذا هو يتصل بي، تراءينا فوجدته يقف في مكان بعيد عن المخفر، تعارفنا فإذا هو ليبي..
دخلنا من بوابة المخفر وفعلا اعترض الغفير على دخولنا قال اذهبوا إلى مخفر بيلك دوزو، دخلت معه في جدال يريد أن يقنعني أنه شرطي ويفهم في هذه الأمور أكثر مني، قلت له وأنا مترجم وأعرف في هذه الأمور أكثر منك، لا أستطيع قول هذا الكلام إلى فراش وزارة في دولة عربية عدا عن قوله إلى شرطي، حاول الليبي مساعدتي بأن أظهر أوراقا تثبت أنه هنا لعلاج زوجته، قلت له لا تريه أي شيء فليس من اختصاصه، قلت للشرطي: لا تفعل هذا ولا تعقد الأمور، كلها خمس دقائق ونخرج، عجز عن الجدال معي فقال ادخلوا..
قلت للليبي ونحن نتوجه إلى الداخل التعليمات بعدم إدخال الناس هي من الداخل، الشرطة تريد النوم وليس العمل، قال نعم صحيح
ولجنا إلى طاولة الاستعلامات بعدما دخلنا من الباب الخلفي، فاستقبلنا شرطي لا أعلم رتبته فأنا لا أعرف الرتب العسكرية
فقال الشرطي لنا نفس الكلام، اذهبوا إلى مخفر بيلك دوزو حيث سكنه، قلت بل مخفر أفجيلار حيث فقد الرجل جواز سفره، أصلا الرجل من بلد عزيزة على تركيا، وهو هنا لعلاج زوجته، وهذه أوراقها...
نظر فيها، امتعض قليلا، ثم أمام وابل كلماتي لم يجد بدا من إخراج طلب كتابة المحضر الخاص بالمفقودات، قال عبئ الطلب قلت حسنا وفورا...
خمس دقائق وكان محضر فقدان جواز السفر بيد الرجل الذي لم يصدق ما حدث، قلت هذه ورقة أصلية تأخذها للسفارة من أجل صرف جواز سفر جديد لك..
كاد يطير فرحا، لكن مصيبته أكبر من كل الأفراح، أزالوا ثدي زوجته في مشفى خاص، قلت هم لصوص، قال وأي لصوص، ثم قالوا لي أن السرطان انتقل إلى رأسها، فقلت لهم دعوها إلى رحمة الله!!!
رأيت دموعه أنهارا رغم أنه لم يذرف دمعة واحدة، كان على وشك البكاء وهو يحدثني عن معاناته، ولكنه كان يبكي فعلا، شعرت بهذا وتزلزلت، اللافت أن الرجل يصغرني بشهر في السن، لكنه يبدو معي مثل أبي.... تركته وودعته، لم أقدر على سماعه اكثر..... بكيت وبكيت كثيرا وأنا أكتب هذه السطور، لو كان بيدي لفعلت أكثر من التنازل عن ثلث أجرتي، لكن ليس باليد حيلة، والزوجة عزيزة عزيزة...
الكلمات الدلالية (Tags):
لا يوجد
- التصانيف
-
غير مصنف