نهَضَ الرجلُ من نوْمِه في الصَّباح الباكر، وتوجَّهَ إلى المغسلةِ فغسلَ وجهَهُ بالماء والصابون، ثم ارتدى ثيابَهُ وما أن دسَّ قدَمَهُ في فردة حذائِه حتى صاحَ:
-آآآي!
وسَحَبَ قدمَهُ بسرعةٍ من الحذاءِ وهو يصرُخُ من شدّة الالم، ونظرََ ليجدَ أفعىً سامة داخل فردة الحذاء، فعرفَ أن الألمَ الذي شعرَ به كان من لدغةِ هذه الأفعى، فقالَ لها وقد أدركَ أنه سيَموت:
- ماذا أفادكِ قتْلي أيَّتُها الأفعى اللئيمة؟ هل تستطيعين أن تبتلعيني كما تفعلين بضحاياك الصغار؟ أم إنَّهُ الطَّبْعُ وحُبُّ الأذى فحسب؟
قالت الأفعى بصلف:
- أنا دافعْتُ عن نفسي، والدفاعُ عن النَّفْسِ ليْسَ بجريمةٍ!
قال الرجلُ والعرَقُ يتَفصّدُ منه جرّاء السُّمِّ الذي يسري في عروقه:
- ولكني لمْ أعتدِ عليكِ ولمْ أهاجمْك، فلماذا لدغْتِني؟
-ألمْ تَدُسْ عليَّ بقَدمِكَ وأنا نائِمةٌ في الحذاء؟ لقد أفْزعْتَني، بل كِدْتَ تقتُلني.
- لم أكنْ أعلمُ أنكِ اتَّخذْتِ حذائي منزلاً لكِ أيَّتُها الأفعى المعتدية، ثم ما الذي جعلَكِ تعتدين على مُلْكِ غيْركِ غير الأذى والرَّغبة في الشر؟
ضحكت الأفعى وقالت بخُبْثٍ:
-أنا حُرّة، أفعلُ ما أَشاءُ.
- وهل من الحريَّة أن تؤذي الآخرين وتهددين أرواحِهم وتعتدين على أملاكِهم؟
- الآخرون؟!....ها..ها..ها...هاها.. ها..ها
ثمَّ انسَلَّتْ من الحذاءِ غيرُ ملتَفِتةٍ إلى مَصير الرجلِ المسكين الذي شاء القدر أن يتم انقاذه ويتعافى، وتعلم أن يكون شديد الحذر بعد هذه التجربة، حتى لا يلدغ من هذه الأفعى وغيرها مرة أخرى.