# شهادة إبداعية في مجموعة قصصية # للصالح
تنويه : ملخص انطباعي أفقي من ضمن دراسات أخرى في مستوى إنشائي
- عزف على الماء -*
...مجموعة قصصية،جاءت في ثلاث وسبعين صفحة من القطع المتوسط ،صدرت عن دار كلمة 2010،وتضمنت اثنتين وعشرين قصة ، تنوعت ما بين القصة القصيرة والوميض(ق.ق.ج) للكاتب العربي مصطفى الصالح الذي عرفته من خلال النت ، وكان صديقا افتراضيا ، صار له خيالا واقعيا ؛ نعم تصدق بعض الصداقات الافتراضية في الواقع ولا تعود خيالا..!! غير أن الجديد الذي إكتشقنه في الرجل قربه الكبير من رسالته..لا بل أكثر حلما مما توقعت ؛ فيبدو في بعض مداخلاته -هنا في الفينيق - صعبا نزق المزاج..هو واضح صادق دمث لا يجامل ، يكتب مشاعره بصدق :
(كف تركي / أنموذجا/ ص 69-72)
"لقد اكتفيت اليوم إذا بقيت أكثر لن أستطيع الحراك من كثرة الأحمال من أثامهم وآلامهم وأحزانهم وغضبهم ..
/ علي أن أغسل كل هذا..
علي أن أزيل كل ذلك../"( المجموعة/من قصة كف تركي/ص72)
..بلخص الكاتب هنا همه الإنساني الذي يحمل ويشاهد ويراقب..في كل مكان يلتقطه فيه الخلل...الخطأ..الألم والوجع والمعاناة..وفي مستويات مختلفة ؛ ذاتية أم اجتماعية ، أم سياسية واقتصادية..وثقافية وفكرية..الخ..يكتب الحب مثلما يكتب الكره عند الأخر ليضع من نفسه المحور في الدائرة كلها ، وكأنه الوحيد في هذا الكون :
علي أن أغسل كل هذا..علي أن أزيل كل ذلك..( القصة السابقة) وهنا احتراق الكاتب المبدع الحقيقي - برأيي- الراصد المتأمل..في هذه القصة التي تدور أحداثها في حافلة ركاب كبيرة،تلخص مشهدا اجتماعيا يسير فيه كل على شاكلته..مع فارق دقيق - ربما أراده الكاتب قصدا- السلطة العنيفة التي تقود المجتمعات بشكل عام،من خلال ترميز قائد الحافلة نفسه..وشكل العقاب الذي يتعرض له الإنسان المسحوق في هذا العالم ؛ فالعقاب يتضاعف أضعاف كثيرة عن شكل الذنب ؛ فعلى سبيل المثال " لفافة تبغ وتدخينها في الحافلة شكل من أشكال الذنوب الاجتماعية التي يعاقب عليها قانوننا الأخلاقي قبل أي قانون آخر ، لكنه لا يصل إلى حد الضرب الإقصائي الذي يدب الرعب في الحافلة لدرجة تفضيل إحدى شخصيات القصة رميها نفسها خارجا علما إنها لم ترتكب خطأ أصلا..!! ولما " كالأشجار بلا فراغات مزروعون فوق عجلات تدور .. تمسك اغصاننا رغما عنها بحبال منتشرة على السقف اينما ذهب.."( القصة ص 69 فالأمر يفلسفه الصالح ابتداء ، من خلال صورة فنية رائعة عميقة،فهي قصة شعرية وحدها ، نعم المجتمع الإنساني ككل مزروع كالأشجار بلا فراغات / ولأن الصالح عربي فلسطيني تمسك جيدا بغصنيه لكن برؤيا رافضة للواقع العربي والفلسطيني المريرين..ربما..تبقى هذه القصة فنا راقيا -كحال باقي قصص المجموعة- فنحن مع قاص متمكن من أدوات القص المختلفة..تصل لغة القص إلى مستوى الشعر النثري(قصيدة النثر) لولا أدوات القص الضرورية ، من مثل السرد الحكائي الذي لا يتطلب الإيقاع الشعري بالضرورة..هنا يفلت الكاتب لتشكيل فلسفته ورؤيته الخاصة لفنه من خلال مجتمعه الإنساتي الكبير..
..القارىء للمجموعة يلحظ كثرة الجمل الإنشائية،سيما في العنواين ؛ عناوين القصص ، فجميعها جمل أسمية ؛ وهذا يدلل على قدرة الكاتب في تعامله اللغوي الإنشائي ، وأقصد بالإنشائي ، القدرة الإبداعية على ديمومة الرسالة في وعيه أو لا وعيه أثناء لإنشاء النص..والحديث هنا يطول..
..تقنيات النص القصصي عند الكاتب متنوعة موظفة جيدا ؛ فالحوار واللغة -سيما الشعرية- والأحداث والشخوص والفلاش باك flashback والارتداد...والتناص ..موزعة بين طيات القص الحكائي في المجموعة،وتكاد تكون البطل الرئيسي في بعض النصوص مثال: تناص الموناليزا في قصة لوحة دافنتشي ص 45 التي سخر من خلالها من واقعنا الثقافي(الأكاديمي)دونما ذكر للوحة مباشرة..!! وهذا على سبيل المثال لا الحصر..
...ويكاد يكون الأسلوب الساخر طاغيا على كثير من الومضات سيما السياسية منها مثال : قصة على جناح الرعب ص55 من المجموعة...غير أن الأسلوب يختلف في مواضيع أخرى مثال : الحضن الدافىء ص63 وغيرها من القصص...
...تبقى هذه المجموعة من قليل سعدت بها وهي - برأيي تستحق القراءة والدراسة - معترفا بتقصيري تجاهها..تبقى شهادة لكتاب صادقته وجالسته فكان من خيرة من جالستهم..
ـــــــــــــــــــ
أمنيات التوفيق لمبدعنا و مبدعينا