ٌغضبت الغزالة كثيراً عندما مرَّ بها الطاووسُ يمشي في تَكبُّرٍ وخُيَلاءّ، ويَتباهى بريشه الجميل، دون أن يُلْقي عليها التحية فقالت له:
- يا لكَ من مغرورٍ متكبَّر !، تتَباهى بريشكَ الملوّن، وتَظنُّ أنكَ أجملَ مني، أنا أيضا جميلة ورشيقةُ، يُضرب برشاقتي وجَمالي المثلُ.. من أجملُ مني في هذه الغابة؟ ثم من أسرع مني؟ حتى عَدّاء الغابة«فهدون» لا يستطيعُ أنْ يسبقَني.
ومع أنَّ الطاووس -الذي يعرفُ قدْرَ نفسِه كما قال ذات مرة-، لا ينكرُ جَمال الغزالة ورشاقتَها، إلا أنه لم يلتفتْ إليها، واستمرَّ في طريقِه دونَ أن يُكلِّفَ نفسَه عناء الرد، لشدَّةِ غُرورهِ وصَلَفهِ، ما زادَ في غضبِ الغَزالة، فاعترضتْ طريقَهُ في تحدٍّ وقالت:
- أتحدّاكَ أنْ تنكرَ أنني أجملُ منك!!
توقَّفَ الطاووسُ عن السَّيْر، والتفتَ نحو الغَزالة في ازدراءٍ ناظِراً إليها من الأسفلِ إلى الأعلى، ثم قال:
- ما هذا الهُراء؟! أنتِ..؟ أنتِ أجملُ مني أنا؟ ألا تَرين؟
ونفَشَ ريشَهُ الملوَّنُ الجميلُ، فأصْبَحَ ذيله كالدائِرةِ، يبهِرُ العُيونَ بألوانِهِ البرّاقة البديعة.
وهنا رفعَت الغزالةُ عنُقَها الطويلُ إلى الأعلى، ونفخَتْ صَدْرَها، وأسبَلتْ رموشَها ذات الأهداب الطويلة، وراحتْ تستعرِضُ رشاقتَها، وترقُصُ وتتَقافَزُ في حرَكاتٍ جميلةٍ لتظْهرَ لهُ رشاقَتَها وقوامَها الجميل.
ولم يكن «فَهدونُ» لينسى تلك الإهانةَ التي وجَّهتْها لهُ الغزالةُ ذات مرة، حين سابقها وسبقتْه أمام حيوانات الغابة، ولم تكْتَفِ بذلك، بل هزِئتْ به، وسخرتْ من سرعتِه التي يشهدُ له بها الجميعُ، وكان في تلك اللحظة يمرُّ بالقرب من المكانِ، حين سمعَ وشاهد ما كان يدورُ بين الطاووس والغزالة التي كانت منهمكةً في جدالِها مع الطاووس، فانقض «فهدون» على الغزالةِ التي شغَلَها تباهيها بجمالِها عن الخطر الذي يتهدَّدُها، ولم تنتبه له إلا بعدَ فَوات الأوان.