\\\\\\\
كلما ذهبت لتوقظه في الصباح الباكر للذهاب إلى المدرسة وجدته يغط في نوم عميق، حاولت أن تفهم سبب حبه للنوم الطويل، وإلى متى ستظل تعيش هذه المعاناة بسبب كسل ابنها الوحيد، هذا الكسل ليس جينيا، ولا بسبب الظروف المحيطة، ولا بسبب صغر السن؛ فهو شاب اقترب من العشرين، لا ينقصه شيء سوى الاهتمام بدراسته من أجل إنهاء المرحلة الثانوية على خير، وقبل أيام حصل على إنذار أخير بالفصل إن استمر في الغياب والتأخر عن الدوام..
هذا الصباح استطاعت إيقاظه بجهد جهيد، وبعد أن تناول فطوره أراد العودة إلى النوم، يا إلهي هذا مرض يجب أن أستشير فيه أخصائيين قالت في نفسها، وألبسته وخرجت معه إلى المدرسة.
دخلت به إلى المرشد، وشرحت له الحالة وطالبته بالحل، فحص المرشد الوضع فوجده لا يشكو من فاقة أو مشاكل عائلية أو قلة اهتمام من الأبوين، ولا توجد غيرة من أبناء آخرين فهو الابن الوحيد، فكر قليلا ثم قال لها: ربما النعيم الذي هو فيه يسبب له الملل، لذا عليكم تخفيف المصروف اليومي له، واخبريه أنه لن يحصل على مصروفه كاملا إلا بعد عودته من المدرسة
قالت الأم وهي تضرب كفا بكف: لقد جربنا ذلك من قبل فلم يهتم، المهم عنده هو النوم
قال المرشد: الطالب لا يشكو من أية إعاقات ذهنية أو أفكار معقدة، ربما ينقصه الهدف، الإنسان لا قيمة له بلا هدف
ردت الأم: وأي هدف أسمى وأجمل من إنهاء الدراسة ودخول الجامعة وتبوؤ المناصب العليا بالشهادات القيمة! جربنا معه ولم ينفع
حسنا أدخليه علي لأكلمه قليلا
دخل الشاب وجلس قبالة المرشد فقال له: كان هناك عصفوران في أحد البساتين، كلما استيقظ أحدهما متأخرا وجد الآخر نائما، وعند نزوله إلى الأرض لا يجد أية حشرات أو حبا يأكله، لأن الأول استيقظ باكرا وأكله، وذهب في نزهته وعاد للراحة والنوم... ماذا تستفيد من هذه القصة يا بني
رد الشاب بملل: لا استفيد شيئا
استدرك الأستاذ فقال: ماذا تفهم من هذه القصة يا بني؟
رد التلميذ: أفهم أن الحشرات مخلوقات غبية لأن الحشرة التي تستيقظ باكرا يأكلها العصفور، وكل يوم يستيقظن باكرا، هل ترى غباء أكثر من هذا؟
خرج الأستاذ من الغرفة فاقد الحيلة وقال لأمه: ابنك بحاجة إلى طبيب نفساني عنده قدرة على التنويم المغناطيسي لاستخراج الصدمة التي تسببت له بهذا المرض
فما كان من الأم إلا أن صفعت الأستاذ صفعة أفقدته توازنه، أمسكت بيد ابنها وغادرت وهي تصرخ: أنت بحاجة إلى الطبيب أيها المريض!