\\\\\
سراب مخدوع
لا تضحك.. لطفابينما كان أحمد يناقش زوجته في زراعة سياج حول الحديقة لمنع قطط الجيران من التفعفل فيها، ولمنعها أيضا من ملاحقة دجاجة الجيران على مزروعات الحديقة، قالت له بانفعال: لا يمكنك منعها بسياج ارتفاعه عشرين سنتمترا... يا رجل هل أنت مخبول؟
قال بهدوء وبرود: هل تعرفين قصة الحمار والحبل التخيلي؟ قالت لا قال اسمعي إذن...
وصل أحدهم إلى بيت أحد أصدقائه وأراد ربط حماره في الخارج كونه لن يمكث كثيرا، صاح على صاحب البيت: هل عندك حبل أربط به الحمار مؤقتا لريثما أعود؟ قال له لا... ولكن بإمكانك أن تتظاهر بأنك تربطه في الباب، والحمار سيبقى مكانه لن يتحرك.
قال هل هذا معقول قال جرب لن تخسر. وفعلا تظاهر بأنه يربط الحمار وتركه ومضى...
ولما عاد وجد الحمار في مكانه لم يتحرك، ركبه ونخزه فلم يتحرك، نزل عنه وسحبه فلم يتحرك، حاول بكل السبل تحريكه فلم يتحرك خطوة واحدة... هنا قاطعته زوجته ضاحكة: لأنه حمار... وماذا تتوقع من حمار غير هذا؟ وأطلقت ضحكة مدوية أسمعت الموتى
لم يهتم لها واستمر: ثم إنه اضطر للذهاب إلى السوق على قدميه خلف صاحبه الذي سبقه، وبعد ساعة من المشي السريع المضني وجده في المقهى رجلا على رجل والأرجيلة تعربد والدخان يتباهى في الأرجاء... مرة أخرى قاطعته زوجته: حمار آخر
صاح بها: صه اسمعي يا امرأة... سأله صاحبه: ما بك تلهث وأين حمارك؟ رد عليه: يا أخي رفض التحرك، لأول مرة يعصي أوامري، تصور يا أخي حمار ويعلن العصيان!! هذه لم تحصل في التاريخ..
قال صاحبه لأنه مربوط! رد أحمد: يا أخي غير مربوط، أنا لم أربطه بحبل ولا أي شيء.. قال: لكنك تظاهرت بربطه قال نعم قال إذن عليك أن تتظاهر بفكه... قال أحمد: ها... وسقط فكه السفلي وقام وهو يحرك رأسه ويضرب كفا بكف: ما اغباني كيف لم افطن لهذه
قاطعته زوجته مرة أخرى وأنت أغبى منه يا هذا! تريد إيقاف القطط والدجاج بسياج ارتفاعه شبرا واحدا!!...
التفت إليها بعيون تقدح شررا وقال: أنت طالق بالعشرة هيا اغربي عن وجهي... ضحكت مرة أخرى: تأخرت كثيرا كنت أتوقعها قبل عشر سنوات لكن كل شيء له علاج إلا الغباء...
تركها تدخل البيت لتجمع أشياءها، وبدأ بزراعة أوتاد حديدية مدببة بارتفاع شبر، طول الوتد خمسة وعشرين سنتمترا، حفر خندقا في الأرض بعمق خمسة سنتمترات ومثلها بالعرض على طول الحديقة من جهة الشارع، بدأ بالجهة الأمامية لحاجة في نفس يعقوب، طول الحديقة من جهة الشارع خمسة أمتار وهو أقل من الجهتين الجانبيتين إذ يبلغ طول كل منهما سبعة أمتار، فبدأ بالقسم الأقصر والذي لا تأتي منه القطط والدجاج، زرع فيها حوالي ثلاثين وتدا، وأهال التراب عليها في الخندق، وبينما هو يرص التراب وجد زجاجة فارغة، كانت زوجته تضع فيها الزيت، لكنه ذات نقاش حار معها رماها من شباك المطبخ، ظن أنها وصلت الشارع واختفت، ابتسم قائلا: مال الحلال عمره ما يضيع، لكنه فجأة تذكر أنها زجاجة عزيزة على زوجته فضربها بحدة بأحد الأوتاد فتكسرت وجرحت يده، قام متألما والدم يسيل من يده يريد الذهاب للبيت كي يضمد جرحه، كان حافيا فقد ألحق زوجته فردتي الشبشب بعد أن دخلت البيت، وما أن وقف حتى داس على مكسورات الزجاجة، صرخ بأعلى صوته وقفز على القدم السليمة فداست هي الأخرى على قطعة زجاج أخرى فوقع على ظهره فوق الأوتاد المزروعة، فانغرز واحد في آليته وانغرس آخر في كتفه، فصار يصرخ بشكل حاد، سمعت جارته المقابلة صوته فخرجت تنظر من بعيد، رأت زوجته تجره باتجاه المنزل وفي ظهر الرجل وتدان والدماء تسيل بغزارة فاتصلت بالإسعاف والشرطة...
صفدت الشرطة زوجته ونقلتها إلى السيارة وهي ما تزال تصرخ فيه: ألم أقل لا تفعل هذا عمل خاطئ، أرأيت ما حل بك جراء أفعالك الشريرة!!!!
كانت سيارة الشرطة ترجع إلى الخلف في عرض الشارع لإفساح المجال لسيارة الإسعاف القادمة بسرعة، تفاجأ سائق الإسعاف بها فارتبك وصدمها من الجنب، صدمة كانت كافية لحرف سيارة الإسعاف نحو أوتاد الحديقة... فانفجرت الإطارات وارتطمت السيارة بالعمود، على إثر هذا خرج سائق الإسعاف من الزجاج الأمامي، وانفتح الباب الخلفي فخرج منه اثنان مثل رواد الفضاء، صاح أحدهما: من أبلغ عن حالات الكورونا...!!!!