تَراكضت الحيواناتُ طلباً للنَّجاةِ من حريقٍ شبَّ في الغابةِ، وطارتِ الطيورُ عن أعشاشَها هرباً من ألْسِنةِ النار.
وحْدَه العصفورُ ظلَّ يرفرفُ بجناحيهِ فوقَ النارِ وهوَ يفكرُ.. وماذا يستطيعُ عصفورٌ ضعيفٌ مثله أنْ يفعل؟ّ!
كانت النَّارُ تَتَأجَّجُ بسرعَةٍ، تأكلُ الأغصانَ الجافّة قبل أن تنتقلَ إلى ما يَليها، بينما الحيَواناتُ ما زالتْ تجري على غيْرِ هُدىً.
ولم يتَوانَ العصفورُ؛ بل أسرعَ إلى النهرِ القريبِ حاملا إناءَهُ الصَّغير الذي لا يزيدُ حجمُهُ عن حَجْمِ منقاره ومَلأهُ بالماء، وراحَ يلقيهِ على النّار المُشتَعِلةِ دونَ توقُّفٍ؛ فنَظرتْ النارُ إليه وقالت بسُخريَةٍ:
- وهل ستُطفِئُني قطراتُ الماء هذه؟
ردَّ العصفورُ بإصرارٍ :
- أنا أعملُ ما يَجِبُ عَليَّ في حُدود قُدْرَتي أيتُّها النّار.
سَمِعَتِ الفِيَلةُ ما قال العصفورُ للنَّار، فخَجِلتْ وتوقفتْ عن الهَرَب، ثمَّ أسرَعتْ إلى النَّهرِ فمَلأتْ خَراطيمها بالماءِ وأسرعتْ لِتطفئَ النارَ، وكذلكَ فعَلتْ أفراسُ النَّهرِ وباقي حيواناتِ وطيورِ الغابةِ.
قالتِ النارُ قبل أن تنْطَفِئ ويعلو دُخانُها الأسوَدُ:
آآآآه.. لولاكَ أيَّها العصفور.
قال أحد الفيلة:
- لقد عَلَّمنا العصفورُ درساً مفيداً.
عندَئذٍ أطلَّت السلحفاةُ برأسِها من درْعِها السَّميكِ وَصاحتْ:
- وماذا علَّمكم العصفور؟
نظرَتِ الحيواناتُ في وُجوهِ بعضِها البعض، ثمَّ ضجَّتِ الغابةُ بالضَّحِك.