، تحليقٌ في (سماءٌ أخرى) // قصي المحمود،



سماء أخرى

بعد أن أنهى صلاته، تناهت لسمعه حركة عند باب داره، شاهد طفلاً رث الثياب يلتهم بنهم فضلات غدائهم المرمي في حاوية النفايات دون أن يلتفت لمن حوله ، ما إن أكمل الطفل حتى همَّ بالذهاب فناداه..يا ولد.. بما أنك لم تقل الحمد لله فهذا يعني أنك لم تسمِّ باسم الله فصار طعامك حرامًا






الفاضل أ/ قصي المحمود..

مرحبا بكم، وبهذا النص الشجاع،
الفكرة من تلك الأفكار التي تتعدد ملامحها، بمعنى أن الفكرة الرئيسية تتشعب منها أفكار أخرى فرعية، ما يثري الوجدان حين وبعد القراءة

إذا وقفت عند العنوان (سماءٌ أخرى)، فعن نفسي أراه عنوانا شاعريا بامتياز، وإذا قرأته بعيدا عن مكان تصنيفه لظنننت أني سأقرأ قصيدة شعرية غارقة في الرومانسية، هكذا تفعل بنا العناوين أحيانا..
وبعد قراءتي للنص، وامتلاء روحي به وبفكرته وما تشعب منها، عدت للعنوان لأجده حقا يناسب النص وما تناول من أفكار.. (سماءٌ أخرى)!
وتلك السماء الأخرى تكلل أرضا / حياة أخرى..

النص يفضح الكثير من العوار المجتمعي والإنساني، هو عوار مزمن، هذا التناقض الغريب (بل والمبرر أحيانا كثيرة من معتقِديه ومتبنيه) بين ما يجب أن يكون وما هو كائنٌ بالفعل!

تقف القراءة على تفاصيل الكتابة هنا، لتتألم أولا، ثم لتستفيق من لحظة الاندماج، فتتأمل...

الأفكار التي ناقشها النص (في نظري):

_أطفال الشوارع والمشردين بغير مأوى ولا كفيل يوفر مجرد حق الطعام.
_أهل المال الذين ينفصلون عن مشاكل الواقع.
_قسوة القلوب المتمثلة في ردة فعل صاحب المال.
_التمسك بظواهر السنن وإغفال عظائم العقيدة.
_الخلل الواضح في البنية المجتمعية وما خلفها من خلل في النفس البشرية.

ثم تتوغل هذه الأفكار العظيمة في نفس القارئ، فينتج نوع ما من الوجدان وإعمال الفكر والقلب، فنقف عند مدلولات النص التي أدانت هذا الثري (الورع) المؤدي لصلاته، المتمسك بتفاصيل السن،
وقد أوجه له سؤالا بسيطا:
يا شيخنا الورع، أما سألت نفسك..
هل تمتلك أن تحاسب هذه النفس الصغيرة البريئة الجائعة على عدم (تسمية الله)!
فبأي وجه تفعل!
أما سألت نفسك الغارقة في غيها وضلالها:
أيدرك مثل هذا الطفل أنه لا بد أن يفعل عند البدء بالطعام؟
ومن ذا الذي قد يخبره وهو يسكن الشوارع ويأكل من فضلات طعامكم!
ثم،
أتظن أنك هكذا أديت فرضك!

الشاهد هنا،
أن كلا منهما في (أرض مختلفة) وعالم مختلف، ولا بد أن كليهما تكللهما سماء مختلفة،
سماء أخرى..
ولا أريد أن أفتح ما خلف العنوان من تأويل وقع في نفسي، فالله سبحانه وتعالى مطلع على الجميع،
وهو الشديد على الظالمين..

وهذي الروح الصغيرة المعذبة في الأرض، لا بد ستجد لها عند الله عز وجل ما يطبب جراحها، ويطيّب خاطرها، بعيدا عن التناقض الفج الذي تنعم به الأرض..


الفاضل أ/ قصي المحمود


شكرا على نص إنساني كبير،
أوجع القلب وأعمَل العقل، وأثار الوجدان


احتراماتي الكثيرة