(مقال منقول)
كتب حمزة مصطفى
لاتفصل أقرب مدن الخليج العربي (المملكة العربية السعودية والكويت) سوى بضعة مئات من الكيلومترات عن مدن عراقية حدودية كالبصرة على سبيل المثال. معظم هذه المسافات لو إعتمدنا الخريطة أو الجي بي اس تكاد تكون أقرب مما يفصل البصرة كبرى محافظات ومدن الجنوب العراقي عن بغداد العاصمة, وأقرب بكثير ممايفصلها عن مدن عراقية بعيدة عن بغداد مثل نينوى أودهوك. الأمثلة كثيرة على مستوى الجغرافية والتي لاتختلف كثيرا على مستوى التاريخ حيث القواسم المشتركة على كل الصعد بمن في ذلك الإمتدادات العشائرية والقبلية. لهذه الأسباب مجتمعة فإنه ما كان ينبغي أن يكون حجم المفاجأة بين الخليجيين والبصريين بالطريقة التي حصلت على مدى الأسبوع الماضي عند بدء بطولة خليجي البصرة 25.
المشاعر والعواطف التي عبر عنها أهالي البصرة عند إستقبالهم أشقائهم أهالي الخليج العربي عند بوابات المدينة الجوية والبرية بدت وكإن الطرفين يعيدان إكتشاف بعضهم البعض. طبقا لما جرى تداوله على صعيد المحتوى الإعلامي للبطولة والذي تجلى فيما بات يجري التعبير عنه حتى في سياق رسائل إعلامية “برامج بقنوات فضائية, تصريحات لمسؤولين رسميين, عراقيين وخليجيين, أو مواطنين عاديين, عراقيين وخليجيين” فإن ماحاولت السياسة تكريسه على مستوى الفرقة والإختلاف إنهار تماما عند أول قبلة وأول دمعة وأول عزيمة في مطعم أو مقهى. سرعان مابدا أن هناك حاجزا وهميا كان يعبر عنه من خلال هواجس خوف أو ترقب بين الطرفين. وواهم من يظن أن هذا الحاجز الذي سرعان ما زال إنه يعود لحقبة مابعد 2003, بل يعود في جانب أساسي منه الى حقبة التسعينيات من القرن الماضي لاسيما بعد غزو العراق للكويت عام 1990.
صحيح أن سياسات مابعد 2003 التي يتحمل الطرفان, العراقي والخليجي, مسؤولية مابدا إنه خوف أو حذر أو حتى كراهية, عراقية لبلدان الخليج, أو خليجية للعراقيين, ساهمت بشكل أو بآخر بخلق حواجزوهمية بين الجانبين وهو ماحصل الآن عبر خليجي البصرة الذي جمع بعد قطيعة دامت أكثر من 40 عاما دول الخليج العربي على أرض العراق.
مفاجأة الإستقبال طوت الصورة النمطية السابقة التي كونها فضاء إعلامي مأزوم يتحمله الطرفان.وعندما بدأ إعلاميون خليجيون ومقدمو برامج لفضائيات خليجية, رياضية ام غير رياضية يتغنون بالعراق تاريخا وحاضرا مثلما يتغنون بأي دولة خليجية سقط تماما الشحن الإعلامي الذي لم يتمكن من إختراق المعدن الحقيقي لشعوب المنطقة. الحاصل إننا الآن حيال محتوى إعلامي واحد, خليجي عراقي, عراقي خليجي. نجحت البطولة وخسر المتراهنون. الأهم أن كأس البطولة صار من حصة الناس قبل لواعيب الكرة.