سر القوة
لم أستمد أي قوة من بعد الله إلا من أبي، كنت دائما ما أخرج للتسوق أو بدوامي في الجامعة أشعر بقوة خارقة داخلي، كل من يتحرش بي أرد عليه وعندي من الجرأة أن أمسح الأرض به، تعلمت من والدي أن قوة الشخصية تكمن في مواجهة الباطل دون خوف ولكنه بنفس الوقت كان عطفوا حنينا ورقيقا وعاطفيا، يتهمونه بالانحياز للبنات لكنه يردد كلمته المشهورة لدينا: أنني انحاز للضعيف.
في يوم مشؤوم خرجت والدتي تصرخ من غرفتها بعد أن جاء اتصال هاتفي لها، خرجت من غرفتي مرعوبة وفي وجهي ألف تساؤل
- والدك سلوى، والدك في المستشفى، قالوا اصطدمت سيارته بسيارة وانقلبت على طريق المطار الدولي
اسرعت ابدل ملابسي على عجل، اتصلت والدتي بشقيقي المهندس في احدى الشركات، ادرت محرك السيارة على عجل وانطلقت لمستشفى اليرموك، ركنت سيارتي على عجل وذهبنا مسرعين.
في صالة الطواريء وجدناه مسجى بدون حراك وقد وضعوا له المغذيات وجهاز التنفس، لم استوعب أن أراه هكذا مسجى بدون حراك، هذا الرجل المفعم بالحيوية والقوة ينام هكذا،
عادت بي الذاكرة وأنا طفلة صغيرة حينما أعتدى علي طفلا أهله يسكنون بذات الزقاق يوم خرجت لمحل المواد الغذائية لأشتري لوالدتي علبة معجون طماطم، حين عاد ووجدني في حالة وجوم وما أن عرف الحالة تغدى على عجل وأخذني معه للسوق الذي يعمل به والد هذا الطفل، من محاسن الصدف كان الطفل بجانب والده، دخل والدي للمحل دون استئذان وسلام ورفع الولد من ياقته الخلفية وهو يقول له:
- هذه المرة رفعتك من ياقتك، في المرة القادمة لو دونت من ابنتي سأعلقك من رقبتك في بداية الزقاق
ثم ناداني
- تعالي، اضربيه ولا تخافي
تدخل والده على عجل وهو يتودد لوالدي
- أبا محمد هؤلاء اطفال وعماد بمثابة ولدك
- ابا عماد والله لو كان الاعتداء على احد اولادي لما سألت ولما حضرت، لكن ليتعلمو احترام الفتاة لأنها الأم والأخت والزوجة مستقبلًا والمرأة كائن ضعيف في مجتمع ذكوري مخيف.
انتابتني نوبة بكاء حادة، اخرجوني خارج الصالة، لكني في داخلي شعرت بالانكسار وبهزيمة، كأني أفقد سر قوتي، حينما توفى والدي غادرتني القوة لفترة رغم أن والدتي دائما ما تذكرني بقوتي وعدم استسلامي، لا أدري سر القوة التي كان يبثها وجوده في داخلنا حتى وفاته فقد عرفت أن مجرد وجوده قوة لا تضاهيها قوة.
قصي المحمود