أنابيب الله
لم أعد أحتمل غمزات زوجي وأقاربه بعد ولادة ابنتين لنا على التوالي، رغم أني كنت أكتم غيظي منها ولكنها كانت ذات تأثير نفسي مؤلم حتى أصابني الاكتئاب مما أسمعه، والدتي دائما ما تهديء من روعي وتقول لي
- قسمة الله عادلة فعليك بها
لكني بدأت أشعر بالضجر وحياتي فارقتها البسمة والفرحة، زوجي يغمز من طرف أصدقائه وكنت أشاهد التشفي بعيون زوجة أخيه لولادتها ولدين ذكرين على التوالي، وفي مرات عدة كانت تتعمد قول ما يغيظني وفي إحداها قالت بطريقة المزاح
- يا للصدفة الحسنة وحتى تبقى الثروة في يد العائلة رزقنا معا ببنتين وولدين ومن أخوين
كتمت غيظي وأجبتها بنفس طريقتها بما معناه - أن الأمر بيدي لا بيدك
- عندما أعلم بناتي طريقة القبول ومواصفات أزواجهن في المستقبل
في مجتمع ذكوري يضعون اللوم دائما على المرأة لكن العلم أثبت عكس ذلك ومع هذا الجميع يرفضه.
وعندما وصلت لحافة الجنون صارحت زوجي
- سأقوم بمراجعة المستشفيات التخصصية لأطفال الأنابيب
ببرودة أعصاب رد علي وهو يعبث بهاتفه الجوال
- لكني لن أفعل
وهنا استشطت غضبا ووقفت أمامه
- يا رجل، تعبت من غمزك وهمس أقربائك فبما أنكم لا ترضون بقسمة الله لنجرب قسمة البشر
للأمانة رق قلبه عليَّ وأعلم إنه يكن لي ولبناته الحب الكبير ولم يبخل علينا بشيء ولكن ضغوطات من حوله جعلته بهذه الشاكلة.
بعد إجراء الفحوصات وما تلتها من تعليمات وأدوية مقوية ولثلاث مرات لم يحصل الحلم، وقد كانت تكاليف المرات الثلاثة باهظة، البعض أشار لي السفر للأردن أو الأمارات لكني رفضت.
استسلمت للأمر الواقع وبما قدره لي ربي، وكذلك زوجي بات يتحاشى ذكر ذلك أمامي ليتفادى مس مشاعري، ابنتي الكبيرة تجاوز عمرها العشرة سنوات والصغيرة سبع سنوات، ونسينا الأمر كليًا.
2
بدأت أشعر بالتعب والغثيان وآلام في الثدي وكثرة التبول وأنفعل لأتفه الأسباب وتغيرات مزاجية، ظننت أنني حامل، لكني كنت اتعاطى حبوب منع الحمل في الفترة الأخيرة ولم يبق أمامي إلا انتظار موعد الدورة الشهرية.
وحدث ما لم يكن في الحسبان، انقطعت الدورة الشهرية عني وعندما أجريت الفحص الطبي تبين أنني حامل في الأسبوع الأول، وعاد هاجس الخوف من ولادة بنت أخرى مما يعيدني للمربع الأول، كنت في لهفة كبيرة لمعرفة جنس الطفل ولكن الطبيبة المختصة أخبرتني أنه لا يمكن معرفة جنس الطفل إلا في منتصف الحمل وهو ما بين الأسبوع السادس عشر والعشرين، لكن هناك طريقة ليست مؤكدة عن طريقة فحص الدم كما يبحث الفحص عن وجود كروموسومات ذكرية في الدم؛ مما يمكن استعماله في تحديد جنس الجنين أيضاً، يتم ذلك في الأسبوع العاشر .
حينما أخبرت أمي بذلك أجهشت بالبكاء لأنها تعرف معاناتي وبعد أن هدأت قالت لي:
- لا عليك لينتهي الشهر الأول وقبل نهاية الشهر الثاني وحينما ينبض قلب الطفل سنعرف جنس الطفل
ضحكت من أمي وأشفقت عليها وأجبتها وأنا ضاحكة
- أمي أن العلم والأطباء لا يمكنهما التنبؤ بجنس الطفل في مثل هذا التاريخ
أجابتني وهي تبتسم
- اعتن بنفسك جيدا ولننتظر نبض الطفل والدوران فقد ورثت عن جدتك لوالدك وأمي الكثير والباقي دعيه لله عزَّ وجل
كانت أمي لا تتركني فهي تزورني في الأسبوع أكثر من مرة، وفي المرة الأخيرة أدخلتني في فحوصات شملت كل جسمي وما أن انتهت نظرت إليَّ والابتسامة تعلو وجهها
- هي مشيئة الله فهو الذي يملأ الأنابيب بما يشاء
- لم أفهم
- وي بنيتي لقد وهبك الله بتؤام ذكر