////////////////////\\\\\\\\\\\\\\\أنا مذ عرفتك لبست الانتظار وصرت شجرته
كنت أشعر بسهام الإعجاب تتسلل إلى قلبي الشريد، كم استهترت بها وغرزتها أكثر!
لا أدري أكان ذلك من فرط الثقة، أم من رغبة بالتحدي! ومضيت متظاهرا بالصمود وبي (وقع النبال على النبال)، زرعت صخب الحياة في نفسي، وضجيج العمل في أوقاتي، تجاهلت كل النصائح الساذجة؛ أهُمْ يعرفون قلبي أكثر مني!
حتى جاء ذلك اليوم الغائم، كنت أخلع السهام من قلبي والنزيف نهر جارٍ، يومها أدركت كم هو واهن، أشفقت على نفسي حينما رأيتك قادمة تجرين نفسا متعبة، أجلستِ الجزء الحاضر منها على المقعد المجاور لي، أطرقت ولم تنبسي ببنت شفة، فانطلق سيل هادر من السكون.. كنت أتمنى ألا يتوقف، فأنا متهالك لا أقوى على الهش على نظراتك الحائرة، تمالكت نفسي وبدأت أفتش في مكتبتي المليئة بالكتب، بحثت عن جواب لسؤال لا أعرفه، أردت استباق الهجوم كي لا أظهر بمظهر العاجز، وأنا المشهود لي بإذابة الجبال بنظرة، وتهييج البحار بكلمة، كيف أكون أمامك بكل هذا العجز الفاسد، درت في سراديب ذاكرتي المترهلة بيأس منافق، تذكرت فجأة أن أفضل طريقة للدفاع هي الهجوم...
استللت سيفي وقطعت رأس الصمت: ما بك؟ لملمي همومك وألقها خارجا، قلت بلهجة الباشق، كأن الماء لم يخلف العهد، لكن جوابك (أود لو أقتلع عقلي وأُبقيه في ثلاجة) فاجأني حد ترنح أعصاب قدميَّ: ماذا؟ ما الذي دفعكِ لتقولي ذلك؟ قلت وأنا أبحث بارتباك عن الكرسي الذي كان يجلس عليَّ قبل قليل، لم يوقعني عليه إلا ردك:
وماذا قلت؟ متى؟
ألا تدرين؟هل نسيت؟ قلت وأنا أنظر تحت الكرسي الغاضب في محاولة لاسترجاع هدوئي أو جزءا من شجاعتي، ولكن هيهات وأنت تكيلين اللكمات الصائبة:
رأسي مملوء
عندها جلس الكرسي وأنا أتأتيء: بماذا؟
بك... هكذا بهدوء الجو قبل العاصفة قالتها، أيقنت لحظتها أننا في الهم سواء، هل أفرح أم أحزن! هل أقبل أم أرفض! كنت على وشك الانسحاب من الحياة بعد اعترافاتي التي كانت تطعمها للطيور الباردة قبل أن تغادرني، كان اليأس يغذي الصدأ في أركاني، وها هي صريعة أكثر مني، ورغم أنها كانت تسديدة غير متوقعة غطيتها بجبن النعام قائلا: ولماذا يا صغيرتي الجميلة؟ هل تفكرين بي طوال الوقت؟
وحين قالت (معظمه) نهضت عن الأرض لشرب ماء يطفيء حرارة الحديث، قلت وأنا أجلس قبالتك على كرسي غبي: أنا مُحرج، أشعر أني أُسبب لك التعب والقلق.. أم أنك وقعت في البحر أيتها العاشقة الصغيرة ؟
قلتها على سبيل الدعابة لتبديد سحب الكآبة، لم أتوقع الاصطدام بجواب يسحقني...
هذا صحيح.. أنت تسبب لي التعب و القلق...
سكونها المريب بعد كل هذا أعاد لي بعض التوازن
حافظت على رباطة جأشي.. أنا!.. أعتذر.. وماذا أفعل لكي ترتاحي؟
لن أرتاح
هل يعجبك وضعك هكذا؟.. قلقة تعبة!
لا يعجبني طبعا
إذن يجب أن ترتاحي مما يقض مضجعك
لا أعرف.. كيف أرتاح منك!
هل أدلك على طريقة؟
ربما لن أفتح الجوال مرة أخرى.. و لن أعبر من شوارع ذكرياتنا فتعبرني وتجتاحني.. لن أنظر إلى دكانك فتأسرني وتجذبني.. لن أتذكرك فتحرقني نار الشوق
وهكذا سترتاحين!!
لا..إنه مجرد حل..
وهل سينفع؟
لا أظن
وما العمل؟
سأذهب الآن و أعود بعد أن أفكر.. انتظرني
مصطفى الصالح
26\01\2010