..
ويخلص في النهاية إلى أن شخصية البطل هنا أفضل من شخصيته في الرواية السابقة ولكن خصائصه لا تزال ليست بالمستوى الذي يزود الروائي بالفعل المثير. وعندما يتصرف البطل بواقعية أكثر من اللازم في نهاية الرواية تفشل، "وتبدو المشكلة الأساسية واضحة تماما الآن، فهو يريد إحداث نموذج من البطل خاصا به يرتكز على نفسه، والمشكلة أنه طالما لا يدري ما يفعل أو لا يعرف إلى أين يتجه، فإن خصائصه تبدو له سلبية"
وبما أن شو يتمتع بواحدة من أهم خصائص العظمة الأدبية وهي المثابرة، فقد حاول من جديد بعد أن أخفق مرتين، وإذا كان نبوغه العلمي يفتقر إلى الإقناع فليجرب نبوغه الأدبي، وهكذا خرجت روايته الثالثة (الحب بين الفنانين)، لكن المشكلة أن القفلة أو النتيجة جاءت في منتصف الرواية فاضطر لملء أكثر من 100 صفحة بعدها بأحداث ليس لها علاقة بصلب القصة.
" وهنا يعترف شو بهزيمته، فقرر في مجازفته الرابعة أن يتخلى عن محاولته إيجاد بطل برناردشي، فكتب رواية (مهنة كاشيل بايرن) التي تتحدث عن ملاكم يهرب إلى أستراليا ويصبح هناك ملاكما محترما،وبعد عودته إلى إنجلترا يقع في هوى وريثة غنية تعرف ما تريد، كانت قصة غرامهما غير تقليدية لكنه أنهاها تقليديا بزواج سعيد. وقد جعل هذا الكتاب من شو روائيا قريبا من النجاح، إلا أنه يعتبر خطوة إلى الوراء فيما يتعلق بالمشكلة التي يحاول أن يجد لها حلا"
ثم في السادسة والعشرين كتب رواية ( رجل بلا قلب) والتي نشرت تحت عنوان (اشتراكي لا اجتماعي) بعد أن حضر اجتماعا اشتراكيا وانضم إلى الجمعية الفابية وصار مجادلا من الطراز الرفيع. كانت الرواية انعكاسا لنفسه، وكان بطل الرواية بحكم مبدئه وفكره حتى لو كان مجرد كلام، بعكس البطل في رواياه الثلاث الأولى، ويعتبر ولسن هذه الرواية من أخف الروايات، وأن شو عمل حبكة عبثية وذلك باكتشاف زوجته له أنه يعمل بستاني في إحدى مدارس البنات التي جاءت إليها برفقة طالبة قريبة لها في يوم الخطابة، كان قد هرب منها وتنكر وعمل بستاني كونه لا يستطيع أن يحب امرأة بل إنه ضد الرومانسية بسبب فكره الاشتراكي، لكنهما يتفقان على العودة معا... ويستمر الكتاب بالقفز على عبثية مرحة ((ربما هنا بداية شو الساخر)، إلا أن ما فعله شو أنه حول بطله السلبي إلى إنسان يستطيع القاريء أن يجد فيه ذاته.
" والذي يتضح أن شو تعثر في نهاية الأمر بحيلة الربط بين ضدين لا يمكن التوفيق بينهما وهما الرومانسية والرومانسية المضادة" حيث جعل من بطله الهارب من الرومانسية يغازل بنات الثانوية دون الوقوع في الحب.
لم يستوعب شو ذلك الدرس القاسي فقام بعد عدة سنوات بكتابة رواية نشرت بعد موته كرواية (ناقصة) ارتكب فيها كل الأخطاء السابقة، كتب منها خمسين صفحة ثم تركها كونه أدرك أنه أوقع بطله صريع الإغواء مع أنه ليس من ذلك النوع... يعني جعله يفعل ما ليس من خصائصه التي عرفها بالبداية.