حكاية جميلة
بينما كنت أعبر السوق القريب من بيتي سمعت أحدهم ينادي: جميلة.. جميلة
حين نظرت لم أر أحدا، جرفني الفضول فتابعت الرجل حتى اختفى بين الجموع وهو ينادي..
غريب أني لا أعرف هذه الجميلة! استيقظت من سرحاني على صوت امرأة تسأل بحيرة عامل البقالة التي أقف أمامها: هل رأيت جميلة يا أخي؟ رد بعصبية وملل: لا لم أرها، هل تريدين شيئا من الدكان؟
مضت بسرعة دون أن ترد عليه... وأنا أتابعها بنظري تسأل كل المحلات نفس السؤال، وتمضي..
قلت في نفسي يجب أن أتعرف على جميلة خاصة بعدما سألني شاب صغير: هل رأيت جميلة؟ قلت: لا، من هي جميلة؟ لم يرد وذهب بسرعة...
لا أدري هل رحت إلى البيت أم جاء هو لي، وما أن دخلت قلت بشرود: هل رأيت جميلة يا امرأتي؟ استيقظت على صفعة بطعم الرعد... ها قد هبت العواصف... لا حول ولا قوة إلا بالله، ما الذي حصل؟
قالت والشرر يتطاير من عينيها وفمها فم تنين: ألا تخجل من نفسك؟ لا تذكر اسمها أبدا.. وإلا....
آه... هذه الــ إلا مخيفة خاصة أنها غير محددة قلت في نفسي والتزمت الصمت.
لم تظهر جميلة رغم الجدل الدائر حولها، أتكون هذه من الجن؟ أستغفر الله... بسم الله..... الناس تلوك سيرتها بمتعة غريبة، بعضهم قال هربت مع عشيقها، فرد عليهم آخرون: عيب هذا الكلام، هي ما زالت طفلة فكيف تهرب مع عشيق!! قولوا هربت مع دمية.. ردوا: أنتم لا تعرفون جيل اليوم أبو لابتوب وواتس أب.. يا إلهي كم تحبون النق والنقيق، كلكم صرتم ملائكة وأنبياء الآن!! بعض الناس قالوا هاجرت للفلبين.. قلت يا ناس قولوا كلاما معقولا.. هل هناك عاقل يهاجر للفلبين؟ أمريكا أوروبا معقول مقبول ورغبة كل العرب.. أما الفلبين لماذا؟ قالوا من أجل الالتحاق بجماعة أبو سياف كي تتعلم الأكيكو... قلت ما هذا الأكيكو؟ قالوا: هذا أسلوب رقص قلت متى سننتهي من هذه الحكاية الصدئة!!
رجعت للبيت وإذا المدام تستقبلني بالمقلاة: إياك أن يكون لك علاقة بجميلة!!!
- خيرا... ما الذي حصل؟ قلت وأنا أرتجف دهشة.. دعيني أرتاح وهات الحكاية..
جلست على أقرب فراغ على الأرض بانتظار مصيري، المهم أن ألقي تعبي في أي مكان، لم تنتظر اطمئنان جلوسي ولم تحضر لي ماء للشرب كما طلبت، ولم تسمعني الكلام الجميل الذي عودتني عليه، كثر الدلع يخرب كما يقولون، فهي مشغولة بالعزف على رشاش الكلام...
يقولون قبضت الشرطة النمساوية عليها في أحد ملاهي السعودية!
- معقول!! ثم ماذا؟
السعوديون احتلوا البلد.. يريدونها بأي ثمن
- وما علاقتي أنا؟.. لماذا يريدونها؟
- شفطت كل أموالهم وامتكلت رسميا ثلاثة آبار نفط باسمها، وصارت تورد بترول للعالم
- صحتين وعافية قلت فإذا بكف أصعق من السابق على الجنب الآخر يقدح نارا... لماذا قلت ويدي أنقلها بين الأرض الباردة وخدي المحترق
ردت بعصبية مفرطة: هذا يعني أن لك علاقة بها...
لن أرد فالرد يزيدها اشتعالا، أخاف على آبار صبري من الاشتعال والنفاد...
هذا الموضوع صار مصدر قلق للجميع، وأنا من حيث لا أدري أصبحت المتهم الوحيد والأقرب بفضل ثرثراتها، إذ صار كل من يعرفني ومن لا يعرفني يقرنني بجميلة، ربما لم تقل هي شيئا، الحق على آذان الجدران.....
البحث الجنائي حضر لبيتي ولم أكن هناك، وبعدما كثر ترددهم قررت وضع حد لهذا التسيب وتنفيذ الحل الجذري.. طلقت البيت والعيال والشغل وحزمت أغراضي وخرجت...
أبحث عن جميلة..
مصطفى الصالح