السلام عليكم
كل منا يود أن يكتب بأفضل شكل وأن يقرأ بأحسن طريقة
لكن كلا الأمرين بحاجة إلى جانب اللغة إلى قدرة على التأمل والتروي
يعني صبر، وتعمق
دعونا نرى نص همنجواي ذا الكلمات الست، والذي يعتبره البعض بداية الققج، وربما يعتبره البعض معجزة بلاغية
للبيع حذاء طفل لم يلبس بعد
أين السردية في هذا النص؟
هذا النص عبارة عن إعلان
عندما قرأته صنفته ضمن الإعلانات أو المشاهد أو الومضة النثرية
بعيدا عن التصنيف دعونا نحاول تفتيت النص
حذاء الطفل عادة يشترى قبل ولادة الطفل، نحن لا نعلم إن كان الطفل مولودا جديدا أو عمره سنوات، أو لم يولد بعد
يعني من أول كلمتين انفتح النص على التأويل، وعلى كل مسرب عدة أمور
لو كان الحذاء لطفل لم يولد بعد فلماذا يعرضه للبيع؟
يعني في هذه الحالة لا يمكن أن يكون الحذاء صغيرا أو كبيرا على قدم الولد، كونه لم يولد بعد، الاحتمال الوحيد الذي يخطر ببالي هو أن الأب اشترى الحذاء فلم يعجب الأم، فصار بينهما خلاف، وهذا يدل على أزمة فهم بين الزوجين، فقرر إعادته إلى البائع، لكن البائع لا يسترجع، أو أن البائع متحرك ولا يمكن العثور عليه، أو أن الحذاء مستورد باعه أحدهم للتكسب ومضى، لماذا يعرضه للبيع إذن، إنما هو حذاء طفل مهما كان ثمنه فلن يكون ثروة، القضية هنا قضية الفقر الشديد، العائلة بحاجة إلى مال الحذاء، تهور الرجل واشتراه، لكن زوجته قالت الطفل لم يولد بعد، وحتى المولود حديثا ليس بحاجة إلى حذاء، فأعده من حيث أتيت به لأننا بحاجة إلى المال في أمور أخرى
الاحتمال الثاني أنه اشترى الحذاء لكن المولود جاء ميتا، وأيضا الفقر هنا في دور البطولة، لم تعد هناك حاجة إلى الحذاء، وهم بحاجة إلى المال، أو أنهم يريدون التخلص من ذكرى المولود الميت وألا يبقى الحذاء في البيت كي لا تتألم الأم، كان يمكن إهداؤه إلى أحد المساكين، لكنهم بحاجة إلى المال
حتى لو جاء المولود حيا فاحتمال أنه عرضه للبيع لدفع تكاليف المشفى التي لم يكن يتوقها، يعني الفقر أيضا
ولنفترض أنه لطفل يمشي مثلا، فشراء الحذاء وبيعه دون أن يلبسه الطفل يعني أن الطفل مات قبل لبس الحذاء، ولا خيار آخر هنا، ثم هم بحاجة إلى التخلص من ذكراه ربما، لكن الأكيد هو حالة الفقر أيضا
من هنا يصبح النص هكذا:
رجل نزل إلى السوق فابتاع حذاء لطفله، وبعد فترة عاد إلى السوق ليبيع الحذاء نفسه، الحذاء ما زال جديدا لم يلبسه الطفل
من هذا النص ستتساءل عن سبب عدم لبس الطفل للحذاء، وعن السبب الذي يدعو الرجل لبيع الحذاء، لن تتساءل عن السرد فهو موجود وحاضر
لكن همنجواي راهن على مقدرة القارئ على إكمال فراغ السرد، ليبحث في العمق أكثر
أرجو أن أكون وفقت في هذا التحليل
وما توفيقي إلا بالله