يرى كثير من علماء اليهود أن مفهوم المسيح المنتظر لم يظهر إلا في فترة متأخرة من تاريخ اليهودية أثناء زمن أسفار الأنبياء،وإن هذا المفهوم لم يرد في التوراة (الكتب الخمسة الأولى المنسوبة لموسى النبى)،ولكن قد تبين لى من خلال البحث أن التوراة ذكرت نبوات عن مجئ المسيح،ففى سفر التكوين يقول الله للإنسان المطرود من الفردوس،في وعد بأن نسل المرأة يسحق رأس الحية:"وأضع عداوة بينك وبين المرأة،وبين نسلك ونسلها.هو(المسيح) يسحق رأسكِ(الحية التي ترمز للشيطان)وأنتِ تسحقين عقبه"(تكوين15:3).وأيضًا تنبأ موسى النبى عن مجئ السيد المسيح فيقول:"يقيم لك الرب إلهك نبيًا من وسطك من إخوتك مثلى.له تسمعون..."(تثنية 15:18).وهذا ما سوف نتاوله بالشرح المبسط مع ذكر الآيات التي تنبأت عن السيد المسيح المخلص.وكلمة المسيح تعنى حرفيًا"الممسوح بالزيت"وتشير إلى عادة قديمة حيث كان يُمسح الملك بالزيت عندما يعتلى العرش ،لذلك فالمسيح المنتظر سوف يُمسح بالزيت كملك في نهاية الأيام.أما المسيح الذي ينتظره اليهود فسيكون قائدًا سياسيًا عظيمًا من نسل داود،وسيكون عليمًا بالشريعة اليهودية وممارسًا لها.لذا أقترن انتظار المسيح عند اليهود بترقب عموم الخير حيث سينقلب حالهم إلى أحسن حال عند قدومه.وسيحقق لهم المسيح كل أمانيهم،وسيعيد بناء الهيكل ويقضى بالشريعة اليهودية.ومما لاشك فيه أن فكرة "المسيح المخلص" جعلت الحركة الصهيونية تدعو لإقامة وطن قومى لليهود في فلسطين،من أجل تمهيد الطريق أمام قدوم المسيح،ومن هنا تحول مفهوم الخلاص من مفهوم دينى إلى مفهوم سياسى.أما في المسيحية فإن "شخص المسيح" هو لب الديانة المسيحية وجوهرها للمسيحيين بكل طوائفهم،فهو الإله والمخلص والفادى،وهو كل شئ بالنسبة لهم كما يقول الكتاب المقدس "به نحيا ونتحرك ونُوجد".ويقول أيضًا:"منه وبه وله كل الأشياء".فموضوع الكتاب المقدس من أوله إلى أخره هو شخص المسيح...إليه أشار الأنبياء وعنه تنبأوا عن حقيقة شخصه الإلهى ورسالته ومعجزاته وآلامه وصلبه وقبامته من الأموات وصعوده إلى السموات .لذا لا نعجب إن رأينا السيد المسيح يدعو اليهود المعاصريين له أن يفتشوا كتب الأنبياء السابقين لأنها "تشهد لى"(يوحنا 39:5).كما إنه بعد قيامته من بين الأموات فسر لبعض تلاميذه الأ مور المختصة به في جميع الكتب(أنظر لوقا 27:24).فالمسيح قد جاء إلى اليهود أولاً كما يقول الكتاب المقدس :"إلى خاصته جاء وخاصته لم تقبله"(يوحنا 11:1).ولكن اليهود رفضوه،وحاولوا أن يلصقوا به أبشع الصفات فقالوا عنه إنه سامرى وبه شيطان،كما نسيوا معجزاته من إقامة الموتى وقدرته على إخراج الشياطين وشفاء الأمراض وغيرها بكثير كما سنوضح في هذا البحث. وظل حقد هؤلاء الحاقدين يتزايد حتى انتهى الأمر إلى صلب السيد المسيح كما تنبأ عنه إشعياء النبى "وهو مجروح لأجل معاصينا"(إشعياء 5:53).فالمسيح قد جاء ليحقق الخلاص الذي تنبأعنه أنبياء العهد القديم ويعيد الإنسان مرة أخرى إلى الفردوس بعد سقوط الإنسان الأول في الخطيئة.وهذا ما أردت توضيحه في هذا البحث وهو إثبات قاطع بالآيات الواردة في أسفار العهد القديم وكل ما تنبأ به الأنبياء عن مجئ المسيح المخلص وآلامه وصلبه وقيامته من بين الأموات وصعوده إلى السماء،وهذا قد حققه اليهود في شخص السيد المسيح.