أحسن التقاسيم في معرفة الأقاليم

[مصطفى الصالح]

...

بسم الله الرحمن الرحيم

[JUSTIFY]مؤلف هذا الكتاب هو البشاري المقدسي، وهو من الكتب المنهوبة من خزانات العالم العربي إبان الاحتلال الإنجليزي للدول العربية، التي استطاعوا تجزئتها وسلخها عن الخلافة العثمانية (بحسناتها وسيئاتها كانت تجمع المسلمين وتصد عنهم المعتدين)، وجدت نسخة هذا الكتاب في مكتبات المتاحف الأوروبية، ونشرت مع الكتب مثيلاتها في سلسلة تحت اسم "الخزانة العربية الجغرافية" ما بين الأعوام 1870-1895.

كتب المقدسي كتابه هذا بين الأعوام 985-990 م. والكتاب موجود نسخة منه على الشبكة لمن اراد الرجوع إليه، هنا سأتكلم باختصار عن الكتاب

من هو المقدسي:

هو أبو عبد الله محمد بن أحمد بن البناء البشاري المقدسي، ذكره ياقوت (الحموي) في معجم البلدان وهو ينقل عنه وصفه لمدينة بيت المقدس حيث ولد فيها وارتبط اسمه بها، كما يدعوه أيضا ياقوت بنسبته البشاري، وأحيانا يدعوه بأسمائه الأخرى مثل ابن البناء.

ولد المقدسي على أغلب الروايات سنة 947م وتوفي سنة 990 ميلادي.

هذا الكتاب هو آخر الكتب التي كتبت في المسالك والممالك، وهو افضلها على الإطلاق، لأن المقدسي اتبع الاسلوب العلمي في التقصي والمشاهدة والتدقيق ثم الكتابة، لم ينقل عن غيره كما فعل سابقوه، وهو يفتخر بهذه الميزة في مقدمة كتابه، حيث يذكر كم صرف من المبالغ وتجشم من الصعاب والأهوال في رحلته الطويلة من الهند إلى الأندلس، وهو أراد لكتابه أن يكون تحفة ومرجعا، والمقدسي حاصل على قدر مهم من علوم الدين المختلفة بحيث لا ينخدع بالضلالات والبدع، وهذا واضح من كتاباته

وقد نشر د. محمد مخزوم الكتاب مع مقدمته عليه ورؤيته لشخصية البشاري، مع إيراد آراء المختصين الغربيين في هذا المجال، والذين أثنوا عليه كلهم بلا استثناء، كونه تفوق على من سبقه في كل شيء.

وسوف أورد تايا مقتطفات من الكتاب عل القاريء يأخذ فكرة عنه

فعلى بركة الله[/JUSTIFY]

[مصطفى الصالح]

الكتاب كتب في اواخر العصر العباسي، الذي تميز بالسجع وغريب الألفاظ وعلم الكلام

هذا كتاب من كتب أدب الرحلات، ألفه ابن قدامة المقدسي في القرن العاشر الميلادي\ الرابع الهجري.
يعتبره الباحثون والدارسون من أفضل المؤلفات في هذا الموضوع (المسالك والممالك ) في ذلك العصر
ترجمته إلى اللغة التركية وأحببت أن أضع تقييما وبعض النقاط المهمة فيه
سأنشر لقطات سريعة منه حتى لا نمل، والكتاب موجود على النت وبالإمكان التحميل والقراءة
"ظلت الكتابات الجغرافية عند المسلمين حتى أوائل القرن الرابع الهجري متأثرة بحدود بعيدة بالنتاج اليوناني، مما حدا بأحد الباحثين لأن يطلق عليها اسم الجغرافية اليونانية مترجمة أو معربة. ويتضح من المقارنة بين كتابات بطليموس الجغرافية وكتاب " صورة الأرض" للخوارزمي الذي وضعه حوالي منتصف القرن التاسع للميلاد كأنه ترجمة حقيقية لها. في حين أننا نجد المسعودي الجغرافي الشهير كثير الاستشهاد بالكتابات اليونانية الجغرافية التي وضعها أبقراط و أرسطوطاليس و مارينوس وبطليموس وغيرهم. أما كتاب ابن خردذابة المعروف باسم " المسالك والمهالك" الذي وضعه عام 846 هـ حسب تقدير دي غويه فإنه يزودنا أيضا بإشارات فلكية جغرافية وفقا لما وضعه بطليموس. "[1]
المقدسي
هو أبو عبدالله محمد بن أحمد بن البنا البشاري المقدسي، ولد في بيت المقدس وارتبط اسمه بها، وينادى بعدة أسماء غير المقدسي منها البشاري و ابن البناء، ويجب عدم الخلط بينه وبين ابن قدامة المقدسي صاحب المغنى الفقيه الحنبلي، فهذا على ‏مذهب أبي حنيفة ومن منظريه ويميل إلى الشيعة بشكل مفضوح، وذاك كان مع صلاح الدين ‏الأيوبي مما يعني أن بينها ما يقارب ثلاثمائة سنة
كانت ولادته عام 336هـ \947م ووفاته كانت سنة 380هـ \990م، أي قبل الحروب الصليبية واحتلال القدس
وهناك خلاف في تاريخ ميلاده الدقيق بين مايكل و كراتشوفسكي الذي يرى أن مولده كان سنة 335هـ
وضع كتابه أحسن التقاسيم في معرفة الأقاليم بين عامي 985 و 990 م، وكان قد قرأ واطلع على الكتب السابقة في هذا المجال مثل " صورة الأقاليم" للبلخي، " مسالك الممالك" للأصطخري و " صورة الأرض" لابن حوقل، وتحاشى إيراد ما أوردوه منعا للتكرار، وهذا أنا أعتبره عيبا؛ لأن القاريء يجب أن يكون قد قرأ كل ما سبق ليقف على الجديد في كتاب المقدسي، كان حريا به أن يورد المهم وما صح عنده ثم يورد ما اكتشفه هو وكتبه، وهكذا يصبح كتابه شاملا كاملا بعد التخفيف من الاستطراد والإسهاب والإطالة وتقوير الكلام وتقعيره كي لا يكبر الكتاب
يجب عدم الخلط بينه وبين ابن قدامة المقدسي صاحب المغنى الفقيه الحنبلي، فهذا على مذهب أبي حنيفة ومن منظريه ويميل إلى الشيعة بشكل مفضوح، وذاك كان مع صلاح الدين الأيوبي مما يعني أن بينها ما يقارب ثلاثمائة سنة.
يظهر المقدسي بشكل جلي تفكك الدولة الإسلامية وتفرقهم وتناحرهم وحروبهم، وبؤس حياة الناس في ظل الانقسامات وتفشي الظلم والجهل على نطاق واسع، وخاصة عند وصفه لحال بيت المقدس التي سقطت بيد الصليبيين بين عامي 1099-1187 حيث استردها صلاح الدين الأيوبي.. كما حرص على إظهار الفرق والجماعات المختلفة وتناحرها في ظل حكام متفرقين في معظم ‏الأحيان في نهايات الدولة العباسية.. ما أشبه اليوم بالبارحة!!

[1] د. محمد مخزوم

[مصطفى الصالح]

علمه وأدبه

لا تتوفر معلومات كثيرة عن حياته وتتلمذه، لكن من كلامه عن نفسه نفهم أنه ولد ونشأ في بيت المقدس، حيث حلقات العلم وكثير من العلماء والحجاج كانوا يزورونها، ويبدو أنه عمل ككاتب في أحد مناصب الدولة، وهذا واضح جلي من لباقته وأسلوبه الإنشائي، ومن خلال حديثه نعرف بعض أساتذته ونلمح أنه على دراية جيدة بعلوم الفقه والحديث واللغة، ونعرف أنه درس في العراق ومدحها مدحا وافيا من ناحية العلم والأدب، حتى أنه قدمها على بلاد الشام في هذا الخصوص
أكثر من مدح الشيعة وأهلها ومناطقهم، حتى أنه استطرد في بعض المناطق بطريقة فجة مما ‏استدعاه للعودة وذكر الحقائق فيما بعد، ومر على مناطق السنة مرور الكرام في معظم الأحيان، وحاول إظهارهم متفرقين متناحرين ليس لهم رأس يجمعهم
وضح تشيعه من كرهه للأمويين، حيث يناظر في عدة أماكن من الكتاب عن أنهم قتلة أبناء النبي ‏ويورد أقوال وأفعال كبار الشيعة وقوادهم في تأسيس المذهب والدولة بشكل جلي خاصة في ذكره ‏لإقليم المشرق
لم يشر لا من قريب ولا من بعيد لعلماء السنة الكبار الذين كان معظمهم قبله في مناطق المشرق ‏بالذات مثل البخاري ومسلم والنسائي والبيهقي وغيرهم حين زار بلدانهم التي نشأوا فيها
اعتداده الكبير بنفسه وثرثرته الزائدة عن الحد أديا إلى تضخم الكتاب بطريقة مستفزة، وكذلك استخدامه للكثير من الألفاظ الدارجة في ذلك العصر، وكثير من الكلمات المعجمية المعقدة ‏كأنه في استعراض لمهاراته اللغوية، أدى أيضا إلى صعوبة الهضم الكامل للكتاب كما يجب، ورغم أنه أورد صفحة فيها متشابه الكلمات إلا أن القاريء ليس بإمكانه أن يحفظ في عقله صفحة كلمات أعجمية ليفهم ما يقول فيما بعد..
يستغرب الدكتور محمد مخزوم صاحب التحقيق من عدم ذكر ابن النديم له في كتابه الفهرست الذي صنفه سنة 377 هـ. وأرد عليه قائلا:
إن المقدسي كان في رحلته في ذلك الوقت، وكان قد مضى سنتان من رحلته حين كتب ابن النديم ككتابه، فهل كان مع ابن النديم جهاز تجسس بالأقمار الصناعية لتحديد موقع المقدسي وشؤاله عن كتابه الذي لم ينجز بعد! أم ليكتب أن المقدسي في رحلة الآن وعندما ينتهي من كتابه سنضيفه إلى كتابنا!!

رغم أن هذه الفترة تمثل فترة حكم الرشيد والعصر الذهبي العباسي، نجد أن العباسيين لا يسيطرون إلا على بقعة ضئيلة من العالم الإسلامي بناء على شروحات المقدسي في الولايات، وحين يقول المقدسي كلمة الولايات فهو يعني بها المعنى المعجمي وليس الجغرافي، التبعية يعني..
حين يبدأ بشرح بلد ما يظهر فهلوته أنه عرف بعض كلامهم وأسماء المناطق والأشياء بلهجتهم أو لغتهم، ويفترض أن كل الناس كانوا معه فيبدا بالرطن بلهجتهم ولغتهم تلك التي عرفها، ومن الواضح أنه لم يكن يهمه فهم القاريء بل إثبات قدرته للحصول على التقدير والمديح، كان حريا به أن يشرح بدل الاستطراد فيما لا يلزم غير إشباع غروره، ثم هو يخترع جمعا وجمعا للجموع غير المذكور في القواميس وأقرب ما يكون إلى اللهجات العامية والأعجمية مما يصعب معه إرجاع الكلمة إلى مصدرها للبحث عنها، فهو بهذا الفعل يزيد من صعوبة الفهم ويجعلها مضاعفة، وفي أحايين كثيرة يقوم بتحوير الكلمات لتوافق سجعه ووزنه في الكلام
بذل مجهودا كبيرة للانتقاص من الآخرين ومجهوداتهم، مع العلم أن العلم يبني على ما قبله، ولولاهم لما وجد هو أصلا ولا فكر بهذا العمل، فعل هذا لكي يرفع من نفسه وفعله، جيدا فعل عندما لم يكرر ما قاله الآخرون، ولكن من لم يقرأ الآخرين راح عليه شيء كثير، كان من الأفضل أن يثبت ما صح عنده من أقوال وأفعال الغير ويضيف عليها، ويخفف من ثرثرته كي لا يكبر الكتاب كثيرا.. " وكل من سبقنا إلى هذا العلم لم يسلك الطريق التي قصدتها ولا طلب ‏الفوائد التي أردتها أما أبو عبد الله الجيهاني فإنه كان وزير أمير ‏خراسان وكان صاحب فلسفة ونجوم وهيئة فجمع الغرباء وسألهم عن ‏الممالك ودخلها وكيف المسالك إليها وارتفاع الخنس منها وقيام الظل ‏فيها ليتوصل بذلك إلى فتوح البلدان ويعرف دخلها ويستقيم له علم ‏النجوم ودوران الفلك. ألا ترى كيف جعل العالم سبعة أقاليم وجعل لكل ‏إقليم كوكبا مرة يذكر النجوم والهندسة وكرة يورد ما ليس للعوام فيه ‏فائدة وتارة ينعت أصنام الهند وطورا يصف عجائب السند وحينا يفصل ‏الخراج والرد. ورأيته ذكر منازل مجهولة ومراحل مهجورة ولم يفصل ‏الكور ولا رتب الأجناد ولا وصف المدن ولا استوعب ذكرها بل ذكر ‏الطرق شرقاً وغرباً وشمالاً وجنوباً مع شرح ما فيها من السهول ‏والجبال والأودية والتلال والمشاجر والأنهار وبذاك طال كتابه وغفل ‏عن أكثر طرق الأجناد ووصف المدائن الجياد‎.‎
وأما أبو زيد البلخي فإنه قصد بكتابه الأمثلة وصورة الأرض بعد ما ‏قسمها على عشرين جزأ، ثم شرح كل مثال واختصر ولم يذكر الأسباب ‏المفيدة ولا أوضح الأمور النافعة التفصيل والترتيب، وترك كثيراً من ‏أمهات المدن فلم يذكرها وما دوخ البلدان ولا وطئ الأعمال ألا ترى إن ‏صاحب خراسان استدعاه إلى حضرته ليستعين به فلما بلغ جيحون ‏كتب إليه إن كنت استدعيتني لما بلغك من صائب رأيي فإن رأيي ‏يمنعني من عبور هذا النهر. فلما قرأ كتابه أمره بالخروج إلى بلخ‎.‎
وأما ابن الفقيه الهمذاني فإنه سلك طريقة أخرى ولم يذكر إلا المدائن ‏العظمى ولم يرتب الكور والأجناد وادخل في كتابه ما لا يليق به من ‏العلوم، مرة يزهد في الدنيا وتارة يرغب فيها ودفعة يبكي وحينا يضحك ‏ويلهي‎.‎
وأما الجاحظ وابن خرداذبه فان كتابيهما مختصران جدا لا يحصل ‏منهما كثير فائدة. فهذا ما وقع إلينا من المصنفات في هذا الباب بعد ‏البحث والطلب وتقليب الخزائن والكتب وقد اجتهدنا في أن لا نذكر ‏شيئا قد سطروه، ولا نشرح أمرا قد أوردوه، إلا عند الضرورة لئلا ‏نبخس حقوقهم، ولا نسرق من تصانيفهم. مع أنه لا يعرف فضل كتابنا ‏هذا إلا من نظر في كتبهم أو دوخ البلدان وكان من أهل العلم والفطنة. ‏ثم أني لا أبرئ نفسي من الزلل، ولا كتابي من الخلل. ولا أسلمه من ‏الزيادة والنقصان ولا افلت من الطعن على كل حال. وبعد فإن شرحنا ‏الأسباب التي شرطناها في الخطبة يتفاوت في الأقاليم ولا يتساوى لانا ‏إنما نذكر ما نعرف وليس هو علم يطرد بالقياس فيتساوى، وإنما يدرك ‏بالمعاينة والخبر فينهى‎.."
عن الكتاب

يقول د. محمد مخزوم:" يمتاز كتاب المقدسي باتباعه منهجا علميا يعتمد فيه التدقيق المبني على المشاهدة والمعرفة المباشرة والتحري عن الأمور بمراجعة أولي الألباب وذوي العقول من الناس مسندا حديثه الذي لا يقره العقل إلى من ذكره، ويعرض القواعد التي تأسس عليها كتابه بعد أن بلغ سن الأربعين بقوله.. " اعلم أني أسست هذا الكتاب على قواعد محكمة وأسندته لدعائم قوية ‏وتحريت جهدي الصواب، واستعنت بفهم أولي الألباب، وسألت الله عز ‏اسمه أن يجنبني الخطأ والزلل، ويبلغني الرجاء والأمل. فأعلي قواعده ‏وأرصف بنيانه ما شاهدته وعقلته، وعرفته وعلقته. وعليه رفعت ‏البنيان وعملت الدعائم والأركان ومن قواعده أيضا وأركانه. وما ‏استعنت به على بيانه سؤال ذوي العقول من الناس، ومن لم أعرفهم ‏بالغفلة والالتباس عن الكور والأعمال في الأطراف التي بعدت عنها، ‏ولم يتقدر لي الوصول إليها. فما وقع عليه اتفاقهم أثبته، وما اختلفوا فيه ‏نبذته. وما لم يكن لي بد من الوصول إليه والوقوف عليه قصدته. وما لم ‏يقر في قلبي ولم يقبله عقلي أسندته إلى الذي ذكره أو قلت زعموا. ‏وشحنته بفصول وجدتها في خزائن الملوك" وكما نرى أن هذا الكلام مكرر لكلام المقدسي عن نفسه حيث يقتبس من كتابه نفس الجمل التي سأعرضها لاحقا في مقدمته لكتابه.
برؤيتي أنا؛ نعم وجدته متابعا مشاهدا باحثا ممتازا عن كل صغيرة وكبيرة، وهذه ميزة ممتازة، فهو لم يترك جبلا ولا حجرا ولا شجرة ولا ملابس ولا مصانع ولا متاجر ولا ضرائب ولا خراج ولا مداخل ولا مخارج ولا وجوها ولا طريقة تفكير ولا مذهب إلا وذكره، وعمل مقارنات واستنباطات مناسبة للحال.. وهذا يحسب له

[مصطفى الصالح]

[مصطفى الصالح]

[مصطفى الصالح]

قال في مدينة الأهواز

وقال أيضا

[مصطفى الصالح]

قال في بيت المقدس

[مصطفى الصالح]

الكتاب بكامله ترجمته إلى اللغة التركية بحمد الله، من أجل رسالة دكتوراة لطالب علم تركي.

لذلك قرأته كله عدة مرات، ولذلك أنصح بقراءته فهو كتاب ماتع جدا

تحياتي