ما خلف النافذة
هوَ ما بيننا نافِذة زُجاج مُعَتّمة الرُّؤَى
نَرسِل زَفراتنا عبرَ شُقوق جُدران مُتَعرجة
كٌلٍ مِنا يَتناغم مَع صَداه ولا يَسمع صَدى الآخر
هو حوار الخائف المُرتَبك مِنْ سجانٍ يختبئ بين ثنايانا
وَليِمة نَشتهي كُلّ ما فِيها ومَمنوع عَلينا كُلّ ما فِيها
فلا صَوت للصّدى غَير وَهم
مِنْ الخيال المموّه يَتناثر على المنضَدَةِ
وصوتٍ هامسٍ شجي تُلازمه بَحة حَنان
على أوتارِ الوَجع ينام
على أرصفة الصّمت يستَجدي صَخباً
تقَطَّعت أوصاله
هو ما بيننا جِداراً مِن الوَهمِ نخاف كِلانا أن نُحطمه
يا أُنثى تَختَصر كُل الإناث
ما خلف نافذتكِ صورتي المُموّهة بروحِ طفلٍ
يَبحث عن حلمةِ أَثْداء لِيسد رَمقه
وما خلف نافذتي أُنثى تَهمس بشوقٍ خجولٍ
يَتسلل مع الرّيح المُتبَعثرة
مَنْ مِنا يا أميرتي مَنْ يَكسر زُجاج النافِذة أولاً
لِتَتسلل خِيوط الشمس وتضيء
الزوايا المُعتمة؟!
يا مُهرة القَصيد جُموحكِ يَمطر ندى
يُلَوحُ بالشذا ومُوقِد الشَوق يَحرِق سحنتي ولا يبقى عليَّ مَناديلي
ثَمة حُزن مُعَتّق بِطعمِ الحَنظلِ يتَسرب مِن فراغات النافِذة
كسن رُمح يَنغرس في قصائدي النحِيفة
عِندما يَختفي ظِلكِ مِنْ خَلف النافذة
تَتَيبّس مَحبَرتي وتصّفر أوراقي وترتَبك أشيائي
وَيتمرد ما خَلف قُضبان صَدري
تَخونني الشجاعة في محراب الاِعتراف
فأقمع التمرد بِسياط البَياض وحراب الوقار
ناسكٌ حرفي وراهبة مَحبَرتي
حرائق في الفُؤادِ المُثخنِ بجراح الشوق تحيل
الندى رماداً.. فيا ترى مَن يطفئ الحرائق؟
مَن يشعل الفانوس في ظلِّ الكسوف
مَن يشعل الشّموع في ظلِ الخسوف
وما بينهما رحلة وَجع
تَكدّست مَلامحكِ حتى امتلأت بها الذاكرة
أغرق طوفانها ما خلف الأضلاع الواهنة
كي أرى قسمات وجهكِ عليها.. معانقة زجاج نافذتي
كم حَفر النَرجس الأخاديد
هل تَدركين ما اعتراكِ؟
أنا أدركت ما اعتراني
على أوراقٍ ذابلة رُسمت لَوحة فرح
(من ديواني " قبلة بألف فم" خلجات نثرية)